عبرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية عن سخطها لما وصفته في بلاغ لها توصلت “الجمعوية” بنسخة منه بالتراجعات الغير مسبوقة، لقطاع الصحافة والاتصال سواء على مستوى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أو على مستوى حريات الرأي والتعبير والنشر، أو على المستويات الرمزية والاعتبارية.
ويأتي ذلك حسب البلاغ، في ظل تحديات إعلامية تعرف ولوج متدخلين كثر بمسميات مختلفة، يستغلون واقع الفوضى وغياب حكامة مؤسساتية وغموض المنظومة القانونية والتنظيمية، مما يفاقم واقع الأزمة، التي تنعكس تداعياتها سلبا على عموم العاملات والعاملين بمهن الصحافة والإعلام.
كما أشار ذات المصدر، إلى أن هذه الأزمة تتفاقم يوما بعد آخر، بسبب عوامل متداخلة، منها ما هو مرتبط بتقادم النصوص القانونية والتشريعية، التي أصبحت عاجزة من ناحية عن وقف نزيف الهشاشة، ومن ناحية أخرى أضحت غير قادرة على مواكبة التحولات التكنولوجية والرقمية بما ينجم عنها من تقاليد وممارسات مستجدة، ومنها ما له علاقة بواقع المقاولة الإعلامية الغارقة في التقليدانية من حيث الحكامة، وفي ضرب حقوق العاملات والعاملين سعيا إلى الكسب على حساب الشغيلة، وفي الإحجام عن الاستثمار الأفضل في تطوير المقاولة وتنويع أنشطتها الصحافية، بل إن بعض أرباب المقاولات الصحافية يقومون بتحويل الأرباح المتأتية من المهنة نحو وجهات استثمارية أخرى لا علاقة لها بمهن الإعلام والاتصال.
وأمام هذا المشهد الذي وصفه البلاغ بالمؤسف، فإن النقابة الوطنية للصحافة المغربية، تدق ناقوس الخطر، وتنبه إلى أخطار هذه الانزلاقات، التي ليست لها عواقب على حقوق العاملات والعاملين بقطاع الصحافة والإعلام فقط، بل إن تأثيراتها السلبية تمس صورة المغرب، باعتبار افتقادنا إلى منصات إعلامية قادرة على الدفاع عن مصالح البلد، يضيف المصدر.
وأمام الواقع الذي اصطدمت به النقابة من آذان صماء، والهشاشة التي يعيشها أغلب الصحافيين والصحافيات، وأمام تراجع صورة الصحافة في تمثلات الرأي العام، وأمام جشع بعض باطرونات القطاع الإعلامي الخاص حسب وصف البلاغ، فإن النقابة الوطنية للصحافة المغربية ترى أن تخليد اليوم الوطني للإعلام هذه السنة يفتقد إلى مبررات الاحتفاء به، وعليه تعلن ما يلي :
1- إحجام النقابة عن تنظيم أي نشاط أو احتفالية على المستويات المحلية أو الجهوية أو الوطنية.
2- اعتبار هذا الموقف صيغة احتجاجية إنذارية لوضع الجميع أمام مسؤولياته في حماية المهنة وتطويرها.
3- استنكارنا لكل أشكال التضييق على عمل الصحافيات والصحافيين، ومن أي موقع صدرت، ولكل أنواع هضم الحقوق الاجتماعية والاقتصادية لكافة العاملين والعاملات في مهن الإعلام والصحافة.
4- دعوتنا إلى تحيين وتجويد المنظومة القانونية المنظمة لمهنة الصحافة، بما يوسع من هوامش حرية التعبير، وبما يحصن ويطور في الآن نفسه مكتسبات العاملات والعاملين بالقطاع، وبما يحمي المهنة من الدخلاء، وبما يجعل الحق في الحصول على المعلومة ميسرا وسلسا.
5- شجبنا لما يقوم به المسؤولون عن المؤسسات الإعلامية الرسمية (قنوات وإذاعات ووكالة الأنباء وغيرها،) من ممارسات تستهدف الصحافيات والصحافيين، وتحد من أي إشعاع للمنتوج الإعلامي الرسمي، الذي أضحى عاجزا عن منافسة الإعلام الأجنبي حتى في تغطية النقاشات العمومية المحلية.
6- تنديدنا بما يعرفه تدبير بعض المقاولات الإعلامية الخاصة من سيادة منطق الدكتاتورية والتحكم والتعسف على العاملات والعاملين، ومن تحويل للدعم العمومي إلى آلية ريعية لمراكمة الربح غير المشروع، في ظل غياب دفاتر تحملات واضحة، وآليات رقابة متواصلة.
7- دعوتنا لعموم الصحافيات والصحافيين للدفاع عن القيمة الاعتبارية للمهنة ونبلها، واحترام أخلاقياتها، والتصدي لكل مظاهر التعسف والإقصاء والحط من الكرامة.
8- رفضنا لكل الاعتداءات التي يتعرض لها الصحافيون والصحافيات أثناء مزاولتهم لمهنتهم أو بسببها، سواء من طرف القوات العمومية المكلفة بإنفاذ القانون، أو من طرف لوبيات متضررة من كشف الفساد، أو من طرف المنتخبين، أو من أي جهة أخرى سواء كانت في السلطة أو في المجتمع.
9- نداءنا إلى الجسم الصحافي الوطني، وإلى عموم القوى المدنية المهتمة بحرية الصحافة والرأي والتعبير إلى التكتل والعمل التنسيقي للدفاع عن حق المغاربة في إعلام حر ومهني وتعددي وذي جودة، ويحترم حقوق كافة العاملات والعاملين.
وختمت النقابة بلاغها، بالدعوة إلى تدخل عاجل من كافة المعنيين بقضايا الإعلام والاتصال لحماية المهنة وحقوق العاملين بها، قصد تأهيل المقاولات الإعلامية الرسمية والخاصة للتنافسية على المستويات الإقليمية والدولية، حفظا لمصالح الوطن وحق المواطنين في إعلام مستنير يكون رافعة من روافع التنمية البشرية.