الدكتور عادل غزالي والدكتور محمد أنور والدكتور خالد زكريتي ملخص بالعربية للأطروحة التي تقدم بها الدكتور فؤاد ابن المير والذي ناقشها يوم السبت 16/7/2022 تحت إشراف د. المختار بن العبدلاوي، وبرئاسة دة. نعمان سمية كسوس وكمقررين د. عادل غزالي ود. عبد الرحمان زكريتي
ود. محمد أنور. وقد نالها بميزة مشرف جدا مع تهنئة اللجنة.
نشأت الدراسة الحالية من الإشكالية التالية: “كيف يعيش المغاربي الفرنسي ذو العقيدة الإسلامية دينه، وكيف يتم بناء هويته الدينية. ما هي عمليات بناء هوية فرد مغاربي مسلم (فاعل اجتماعي) يعيش في المجتمع الفرنسي؟ هذا سواء كان مسلما ممارسا أم لا؟ من أجل دراسة هذه الإشكالية، حدد هذا البحث الأهداف التالية:
– دراسة وضعية المغاربيين الفرنسيين المسلمين في فرنسا، وحركية الدين الإسلامي وكيفية بناء هويتهم في فرنسا؟
– ما هو دور المرجع الديني في بناء الهوية؟
للقيام بذلك، خصصنا الجزء الأول لترسيم حدود السياق الاجتماعي السياسي وتبرير اختيار هذه الأطروحة لدراسة وضعية المغاربيين الفرنسيين المسلمين في فرنسا بعد بروز وضع سياسي وثقافي عالمي جديد خاصة بعد تفجيرات 11 سبتمبر 2001.
وقد أفردنا جزءا من هذه الدراسة لدراسة الوضعية القانونية والاجتماعية للدين الإسلامي في فرنسا، والمكانة التي يحتلها الإسلام في فرنسا من خلال إدارة العلاقات بين المنظمات التمثيلية والدولة. لنطرح بعد ذلك السؤال التالي:
الجمهورية والديمقراطية والعلمانية والإسلام، ومدى وقع قانون 9 ديسمبر 1905 والكيفية التي يترجم بها على أرض الواقع كحقائق قانونية واجتماعية.
وبعد كل ذلك، طفحت الإحصائيات المتعلقة بالسكان المسلمين في فرنسا. ولاحظنا أنه حتى لو كان لا جدال فيه أن الإسلام هو المرجع الثقافي الثاني ذو الدلالة الدينية في فرنسا، فما يزال من الصعب معرفة العدد المضبوط والحقيقي للمسلمين في فرنسا. والسبب في ذلك يعود إلى حظر قانون المعلوماتية والحرية لعام 1978، تمشياً مع علمانية الجمهورية، ذكر الانتماء الطائفي في استمارات التعداد.
من ناحية أخرى، تبين أن تحديد عدد السكان الحاملين للجنسية الفرنسية وذوي العقيدة الإسلامية عملية صعبة، حيث لا توجد معايير تسمح بإجراء تعداد دقيق.
من ناحية أخرى، فإن تدقيق عدد مواطني العقيدة الإسلامية وفقًا للجنسيات الأصلية هو أيضًا أمر غير ممكن، خاصة أنه يصعب السيطرة على الهجرة السرية. لكن فيما يخص المغاربيين الفرنسيين المسلمين والأتراك والباكستانيين وبعض الأفارقة جنوب الصحراء تبقى عملية احصائهم ممكنة.
في الجزء الثاني، حددنا الإطار النظري للبحث الذي اتخذ من مفاهيم ومنهجية علم اجتماع قاعدته الصلبة ما دام أن سوسيولوجيا أشكال التنشئة الاجتماعية تشكل نواة هذا البحث. وانطلاقا من الحقائق القائلة بأن الأفراد المغاربيين هم فاعلون اجتماعيون، منتجون نشطون في المجتمع الذي يعيشون فيه. ولهذه الأسباب اختار هذا البحث الارتكاز على علم الاجتماع Simmelian مع الاستفادة بشكل فعلي من المساهمة الاجتماعية لماكس ويبر.
ولقد تأسست الرؤية المنهجية لهذا البحث في تصور هوية السكان المستهدفين على نتائج التفاعلات الاجتماعية بين الأفراد. ولمزيد من الدقة لدراسة الهوية الإسلامية في فرنسا، فإن هذه الأطروحة استندت إلى النموذج العام للبنائية constructivism. وبشكل أكثر تحديدًا، تبنت هذه الدراسة التفاعل المنهجي.
في الواقع، يمنح هذا البحث في دراسته لبناء الهوية مكانًا مركزيًا للفرضية الوظيفية التي بموجبها يبقى لكل فرد دور يلعبه في المجتمع من خلال التأثير على المجتمع والتأثر به.
من الناحية المنهجية، فإن علم الاجتماع Simmelian، الذي يرسم الحدود بين الشكل والمحتوى من خلال النسبية الأنطولوجية، يمنح الباحث إمكانية بناء النماذج ويساعده في تحليل البيانات النوعية. ويسمح أيضًا بإمكانية إبراز الدوافع التي تضفي الشرعية على سلوك اجتماعي معين.
بالنسبة للهوية الإسلامية، انطلقت هذه الدراسة من الأطروحة التي دافعت عنها دانييل هيرفيو ليجر، Le Pèlerin et le Converti، والتي تتحدث عن “نهاية الهويات الموروثة” ، وما يمكن ملاحظته اليوم أنه حتى ولو إن كان الواقع الديني ، في تنوعه وانتشاره ، حاظر بقوة في المجتمعات المعاصرة فإنه يظل بطريقة أو أخرى مرتبط بتطورات المجتمع. وفي هذا الصدد، لاحظت دانييل هيرفيو-ليجيه أنه بشكل قطعي، لم يعد بإمكاننا الحديث عن الهويات الدينية الموروثة، ولكن عن الهويات الدينية المبنية. وعلى أساس هذا المفهوم النمطي لعالمة الاجتماع الفرنسية حاولت هذه الدراسة بلورة تعريفها للهوية الدينية. كما أن عملية التصنيف تأسست بدورها على البعد المجتمعي، والبعد الأخلاقي، والبعد الثقافي، والبعد العاطفي، والبعد الإيماني.
وقد تم تخصيص الجزء الثالث من هذه الأطروحة للمنهجية. وبما أن الهدف من البحث هو الذي يحدد غالبًا نوع ساكنة الدراسة. ونظرًا لأن مجال الدراسة تم تحديده في سياق البحث، ركزت الدراسة على المسلمين المغاربيين الذين يعيشون في المجتمع الفرنسي. (بلد المنشأ: المغرب والجزائر وتونس).
ومن هذا المنطلق، تم وضع الاستبيان المدار مدعومًا بدليل مقابلة لضمان درجة عالية من صحة المعلومات التي تم جمعها. واستهدفت الدراسة الميدانية اثنتي عشرة امرأة واثني عشر رجلاً؛ تتراوح أعمارهم بين 18 و47 سنة، وقد راعت الدراسة في اختيار الأشخاص موضوع البحث الميداني أن يكونوا من بين المؤمنين الممارسين للعبادة وغير الممارسين.
وخصصت هذه الدراسة الجزء الأخير منها لتفسير وتحليل نتائج البحث الميداني. وفي الواقع، حاول هذا الجزء الرابع تقديم عناصر للإجابة على السؤال المركزي للبحث المتمثل: في ماهية عمليات بناء هوية الفرد المغاربي المسلم (الفاعل الاجتماعي) الذي يعيش في المجتمع الفرنسي. وقد أظهر تحليل وتفسير المعطيات والمعلومات التي تم جمعها ضرورة الجمع والتفاعل بين أربعة أشكال لتحديد الهوية: ويتعلق الأمر ب:
• تحديد الهوية الدينية
• التعريف النفسي
• تحديد المجتمع
• التعريف الثقافي