يشكل عيد الأضحى عبئًا ماليًا كبيرًا على العديد من الأسر المغربية، حيث يضطر العديد منها إلى الاستدانة أو التنازل عن احتياجات أساسية من أجل شراء الأضحية. ليأتي القرار الملكي من أجل تخفيف هذا العبء، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة وارتفاع تكاليف المعيشة. إلغاء العيد، أتاح للمواطنين فرصة لإعادة ترتيب أولوياتهم المالية والتركيز على الضروريات الحياتية مثل التعليم، الصحة، وأشياء أخرى ضرورية…
تُعد أسعار اللحوم الحمراء أحد أبرز التحديات التي يشهدها السوق المغربي خلال فترة العيد. ارتفاع أسعار المواشي قبيل العيد وانهيارها بعده يؤدي إلى اضطراب السوق، مما يؤثر على استقرار الأمن الغذائي. لشكل القرار ضمانا لاستقرار أسعار اللحوم على مدار العام، ويمنع التذبذب في الأسعار الذي كان يرهق ميزانيات المواطنين. هذه الخطوة من شأنها أن تجعل اللحوم في متناول الجميع دون التعرض لضغوط موسمية.
ويأتي القرار الملكي في وقت مناسب جدا وحساس للغاية لحماية الثروة الحيوانية الوطنية. بحيث تواجه تربية الماشية تحديات كبيرة، بسبب تراجع التساقطات المطرية وارتفاع أسعار الأعلاف، فيما كان سيشكل ذبح عدد كبير من الأغنام خلال عيد الأضحى تهديدًا حقيقيًا للقطاع. ليتيح قرار الإلغاء للمربين الحفاظ على مواشيهم، وبالتالي ضمان استدامة الثروة الحيوانية على المدى الطويل وتحسين الإنتاجية.
كما تسهم هذه الخطوة في محاربة المضاربات والاحتكار في سوق المواشي، الذي شهد في السنوات الأخيرة تدخلات من بعض الشركات التي استفادت من الدعم الحكومي لاستيراد الأغنام بأسعار منخفضة، ثم قامت ببيعها بأسعار مرتفعة، مما حمل المواطنين عبء كبير بالإضافة إلى اعباء موجة الغلاء التي كانت أبرز العناوين العام الماضي. ويسعى القرار الملكي الرزين إلى إعادة التوازن إلى السوق، ومنع هذه الممارسات الاستغلالية التي تضر بالمستهلكين.
أما بالنسبة على المستوى الحكومي، فإن ضمان نجاح هذا القرار يتطلب اتخاذ مجموعة من التدابير التي تواكب أهدافه. وتوجيه الدعم الذي كان مخصصا لمستوردي الاغنام إلى دعم المربين الصغار لتخفيف آثار انخفاض الطلب على الماشية، بالإضافة إلى تخفيض أسعار الأعلاف وضمان استمرارية تربية المواشي. وتشجيع الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الاستيراد الذي يعد من الأولويات، خاصة إذا تم استثمار المزيد في تحسين سلالات الماشية وزيادة الإنتاجية. كما يتطلب الأمر مراقبة صارمة للأسواق، ووضع آليات لضبط الأسعار وتحديد سقف لهامش الربح للمستوردين، بالإضافة إلى محاربة الاحتكار.
خلاصة القول، يُعد قرار إلغاء عيد الأضحى خطوة مهمة نحو إصلاح سوق المواشي وتخفيف العبء على المواطنين. يحمل هذا القرار رؤية استراتيجية تهدف إلى تحقيق توازن في الاقتصاد الوطني، وحماية الثروة الحيوانية، ومكافحة الاحتكار والمضاربات. إن تفعيل السياسات الحكومية المناسبة يمكن أن يجعل هذا القرار نقطة تحول نحو نموذج اقتصادي أكثر عدالة واستدامة.
ذ عادل العسولي