بقلم: محمد منصور
لم يعد فن التبوريدا حكرا على الرجال كما كان معهودا، ولم تعد حلبات ركوب الخيل بمواسم الأولياء الصالحين والأعراس والمناسبات الوطنية والمهرجانات الصيفية فضاء فلكلوريا رجاليا، تكتفي النساء فيه بالحضور والمشاهدة وغلق الآذان بالأيدي عند كل طلقة بارود، أو صهيل فرس مكتفيات بزغاريد أو تصفيقات فقط، تعبيرا عن بهجة و إحساس يراود الشعور الداخلي لم تكن المراة قادرة حتى على إظهاره للعموم في بعض القبائل .
من وسط هذه الطابوهات والأفكار المتحجرة و العادات القديمة،خرجت الفارسة ابتسام المريغي لتلتحق بها اليوم الفارسة فاطمة الزهراء امهامكة، وتكسران كل قضبان الخوف والتردد،لتحلقا عاليا في سماء عالم التبوريدة من داخل تراب جماعة سيدي عبد الخالق قيادة الهدامي و أولاد عبو، وبذلك كونتا ثنائيا من طينة واحدة تحملان كل العزيمة والتحدي والإرادة القوية نحو وضع بصمتهما انطلاقا من فوق صهوتي فرسيهما في تاريخ الفروسية وعالم ركوب الخيل بنجاح، وبذلك تصبحا قدوتين لعدة فتيات من قبيلة الزراهنة وقبيلة جعرانة و أولاد بحرية والدهيس و العنابرة و هنينة والشكاوي…و قبائل مجاورة على وجه الخصوص و من تراب عمالة برشيد و إقليم سطات على وجه العموم ،حتى تسير كل شغوفة بعالم الرماية والفروسية على دربهما،اقتداء و حفاظا على ربط الأصالة بالمعاصرة البناءة التي تحفظ للثرات ملامحه وهويته التاريخية، وبذلك تتشكل معهم فرقة نسائية تضاهي أكبر الفرق المغربية و ما ذلك على نساء قبيلة الهدامي وأولاد عبو إقليم برشيد ببعيد.
بدأت الفارسة ابتسام المريغي شق طريقها في عالم الفروسية وركوب الخيل ما ألهمها حب رياضة الرماية بنجاح، هذه الأخيرة التي أهلتها الفوز في كثير من المشاركات الوطنية والدولية، وبذلك حازت على بطولة الرماية سنة 2019 إفريقيا تلتها المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية طوكيو 2020.
تمرس هذه البطلة جعلها نجمة تسطع و تخطف الأنظار اليوم وسط ”محرك” الخيل بموسم بن معاشو للتبوريدة فكانت فيه هذه الفارسة التي أبدعت و إلى جانب أختها و ابنة بلدتها ساندت من خلال طريقة روكوبها، و طلقاتها و ثقتها العالية في نفسها داخل هذا العرس الفروسي الرائع، احتفاء بموسم الولي الصالح بن معاشو.
وعلى دربها اليوم تسير الفتاة الفتية امهامكة فاطمة الزهراء التي بدأت تجربتها الفريدة داخل مسقط راسها بتراب جماعة سيدي عبد الخالق في السنوات الأخيرة،بمساعدة و مساندة أسرتها خاصة والدها العاشق للفرس و المولوع بالفروسية، ومن هنا تعلمت طريقة ركوب الخيل وكيفية التعامل مع بندقية رمي البارود وطريقة إطلاقه وكيفية شحنها وتنظيف فواهتها كلما استدعى الأمر ذلك ،كل ذلك زاد من حبهما و شغفها لعالم الفروسية وركوب الخيل، لتلتحق هذه السنة بسربة خيل للرجال كانت الطفلة التي تصغرهم سنا، وبذلك شكلت إلى جانب ابنة بلدتها داخل ”المحرك” رحلة تكريس الأصالة ودعمها بالمعاصرة،تشجيعا واخذا وتعليما عنها و عن رجال عرفوا حق المرأة و أدركوا معنى قوله (ص)ما أكرمها إلا كريم وما أهانها إلا لئيم.
الثنائي النسائي ابتسام المريغي و فاطمة الزهراء امهامكة، خرجتا اليوم من قبيلتيهما للمشاركة في موسم ابن معاشو وغدا من يدري قد تصبح فاطمة الزهراء امهامكة قائدة لفرقة نسائية متكونة من فارسات تمثلن بلدتها أحسن تمثيل وصولا إلى العالمية على خطى سابقتها في الهواية والمتألقة في رياضة الرماية ابتسام المريغي.
من داخل موسم بن معاشو اليوم برعت فرقة فاطمة الزهراء امهامكة في تكوين نسيج لسربة تشكلت من رجال و هي بمعيتهم فزادها ذلك رونقا وجمالا وشغف متابعة من طرف الحضور، من خلال طريقة سباقها ونوعية لباسها الذي يمزج بين الأصالة والمعاصرة،وبذلك رسمتا الى جانب ما سبقتها تجربة و حضورا لوحات رائعة، ستعيد لا محالة الثقة في نفوس الجنس اللطيف من الفتيات الشغوفات بركوب الفرس وخاصة بالعالم القروي بإقليم برشيد، حتى يتمكن من مصارعة الغبار وعنف الخيول داخل سربتهم إلى جانب إخوانهم الرجال، حيث تصبح طلقات البارود أدق وأشد إلى جانب طلقات الفرق الرجالية بداية بالتكوين و تقديم كل الدعم و المساندة وصولا إلى تكوين فرقة نسائية و الكل يدرك أن بنات أولاد عبو بجماعة سيدي عبد الخالق قيادة الهدامي إقليم برشيد على ذلك قادرات بكل ثقة وعزيمة و إصرار.