يرى متتبعون أن المركز السينمائي المغربي، عرف تدبدبات كثيرة، بعد رحيل الفيلسوف نور الدين الصايل، الذي ضحى بالغالي والنفيس، من أجل رفعة الفن السينمائي المغربي، وتبوئه مكانة عالمية، إلا أنه وبعد أفول نجمه وترجله تمزقت خارطة طريقه، واتسعت الهوة بين الإدارة ومرتاديها.
بعد سنوات من التسيير، لأهم مؤسسة سينمائية مغربية؛ وبعد تعاقب وزراء الثقافة الواحد تلو الآخر، جاء الدور على الشاب الوزير محمد المهدي بنسعيد، الذي تغيرت في عهده أوضاع القطاع السينمائي إلى الأحسن، وهو ما خلف ارتياحا ملحوظا من قبل المهنيين والسينمائيين عموما.
ومن بين هذه الكفاءات في هذا المجال، برز إسم الرجل المخضرم والمحنك عبد العزيز البوجدايني، الذي ظل طيلة سنوات خلت، رجلا للمهمات الصعبة داخل وزارة الإتصال، مشتغلا في هدوء وصمت وإبداع، وهو ما اثر إيجابا على المركز وبرامجه وهندسيته الجديدة.
لم تكن هذه الطاقة الكبيرة، بعيدة عن مجال السينما بالمطلق، لاعتبارات عديدة، أولها كون قطاع الإتصال هو الوصي المباشر على المركز السينمائي المغربي، وأن المسؤوليات التي سبق وأنيطت بالرجل، تجعله بشكل لا مواربة فيه عاملا أساسيا داخل الفعل السينمائي المغربي.
قدم البوجدايني إلى المركز السينمائي مديرا بالإنابة، وخلال فترة قصيرة، برزت هندسته للقطاع، وتنفس صناع السينما الصعداء، بوجود مسؤول فاتح بابه أمام الجميع بكل اريحية وموضوعية، في وقت علقت فيه آمالهم، وبقيت في قاعة الانتظار لمدة.
جاء هذا الرجل، الذي يعتبره السينمائيون الحقيقيون الرجل المخلص، متصديا لكل ما من شأنه ان يضع العصا في العجلة، متسلحا بصدق إيمانه وشفافيته ونبله وشجاعته في اتخاذ قرارات حاسمة، عادت على القطاع السينمائي بالخير والنماء.
ولم يذخر أي جهد في تنقية وترتيب المؤسسة أولا، وتفعيل روح الموضوعية، وإعطاء لكل ذي حق حقه، وإعادة ترتيب أوراق بعثرت خلال مراحل سابقة، ليعود النور الداخلي للمركز السينمائي المغربي، مشعا، وتعود المياه إلى مجاريها رويدا رويدا.
ورغم أن طريق البوجدايني لم يكن مفروشا بالورود؛ إلا أن الارتياح الذي عكسه في الأوساط السينمائية؛ يفرض عليه مواصلة المسيرة التي بدأها وكلف بها؛ ففي عهده بدأت السينما المغربية تشق طريقها نحو العالمية، بكل فخر واعتزاز، ما يجعله محطة تقدير واحترام لما قدمه من تضحيات.