فبمجرد وصوله إلى مقر الجماعة، تفاجأ العامل بإغلاق معظم المكاتب وغياب العديد من الموظفين عن أماكن عملهم خلال ساعات الدوام الرسمي. وعلى الرغم من أن هؤلاء الموظفين يُفترض أن يكونوا في خدمة المواطنين، فقد تم رصدهم في أماكن أخرى بعيدًا عن أداء واجبهم المهني، في مشهد يعكس حالة من الاستهتار بالمسؤوليات وحقوق المواطنين.
لكن أكثر ما أثار الدهشة في هذه الزيارة هو الموقف الغريب عند مدخل الجماعة، حيث استقبل حارس البوابة العامل بسؤال مفاجئ وغير لائق قائلاً: “مشنو بغيتي؟”، ظنًا منه أن العامل مواطن عادي جاء لإنهاء بعض المعاملات. إلا أن رد العامل، بابتسامة هادئة قائلاً: “معاك العامل”، أربك الحارس وجعل الموقف أكثر إحراجًا.
لم تقتصر زيارة العامل على الجماعة فحسب، بل شملت أيضًا ملحقات إدارية تابعة للباشوية، والتي كانت هي الأخرى مغلقة أو خالية من الموظفين. هذا الوضع المثير للقلق دفع العامل إلى التواصل مباشرة مع باشا المدينة، مطالبًا إياه بتقديم توضيحات حول غياب الموظفين وعدم التزامهم بمواعيد العمل.
الزيارة ليست هي الأولى من نوعها، حيث سبق للعامل أن قام بجولات تفقدية مماثلة في عدة إدارات بالإقليم، ليتمكن من رصد العديد من الاختلالات التي تؤثر سلبًا على سير العمل وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين. وقد قام بتوثيق تلك الزيارات في تقارير مفصلة رفعها إلى وزارة الداخلية، في إطار جهوده المستمرة لتحسين أداء الإدارة العمومية.
تبقى التساؤلات مفتوحة حول مدى قدرة الجهات المسؤولة على وضع حد لهذه الفوضى الإدارية، وضبط سير العمل داخل المؤسسات العمومية، في وقت يتطلع فيه المواطنون إلى تحسين الخدمات ورفع مستوى الكفاءة في تقديمها. هل ستتحرك وزارة الداخلية لوضع حلول حاسمة لهذه الظاهرة؟ أم أن هذه الاختلالات ستظل تتكرر دون أي رد فعل حاسم؟