ورغم التصريحات الرسمية التي تتحدث عن النهوض بالسياحة القروية والمجالية، إلا أن المعطيات الواقعية تكشف غياب أي إجراءات ملموسة تترجم هذه الوعود إلى مشاريع حقيقية.
يعكس برنامج GoSiyaha هذه السياسة الانتقائية، إذ تم إطلاقه لدعم المقاولات السياحية وتعزيز تنافسية القطاع، إلا أنه تجاهل الخصوصيات الحقيقية لإقليم طاطا. وبدل أن يضع البنيات التحتية للإيواء ضمن أولوياته، ركّز البرنامج على الترفيه والمشاريع الثانوية، متجاهلًا الحاجيات الأساسية للإقليم. ويُعتبر النقص الحاد في الفنادق ودور الضيافة أبرز العوائق التي تقف في وجه تحقيق الإقلاع السياحي بطاطا، مما يجعل أي دعم حكومي بعيدًا عن معالجة الإشكالات الجوهرية.
يثير هذا التوجه استياء الفاعلين المحليين الذين يرون في هذه المقاربة تكريسًا لسياسة الإقصاء. ويؤكد عبد الرحيم نفيسو، فاعل اقتصادي بالإقليم، أن برنامج GoSiyaha لم يراعِ الاحتياجات الفعلية لطاطا، قائلًا: “لا يمكن الحديث عن دعم السياحة دون توفير بنيات الإيواء. المنطقة تزخر بمؤهلات طبيعية وثقافية، لكن غياب الفنادق ودور الضيافة يحول دون استقطاب السياح أو تشجيع الاستثمار.”
يعاني الإقليم من مفارقة غريبة، حيث تزخر المنطقة بمؤهلات سياحية استثنائية تشمل الواحات الخلابة، النقوش الصخرية الأثرية، والقصبات التاريخية، بينما تظل هذه المؤهلات غير مستغلة بسبب غياب البنيات التحتية الأساسية. ويضطر العديد من الزوار إلى مغادرة الإقليم في نفس اليوم لعدم توفر أماكن إقامة مناسبة، مما يحرم طاطا من عائدات سياحية مهمة يمكن أن تشكل رافعة حقيقية للاقتصاد المحلي.
تتناقض التصريحات الرسمية مع الواقع المعاش، خصوصًا بعد زيارة وزيرة السياحة الأخيرة للإقليم، والتي تحدثت عن أهمية طاطا في خارطة الطريق السياحية الوطنية. لكن غياب أي مشاريع لدعم الإيواء أو تحفيز الاستثمار يجعل هذه التصريحات مجرد شعارات لا تجد طريقها إلى التنفيذ. ويطالب الفاعلون المحليون بإعادة النظر في معايير توزيع الدعم السياحي، بحيث تشمل تمويل مشاريع البنيات الفندقية كأولوية قصوى للنهوض بالقطاع.
يهدد هذا الإقصاء بإضاعة فرصة ثمينة لتحويل طاطا إلى وجهة سياحية مستدامة، خصوصًا في ظل تزايد الاهتمام الدولي بالسياحة البيئية والثقافية. ويؤدي غياب الدعم الحكومي إلى عزوف المستثمرين عن إطلاق مشاريع سياحية في المنطقة، مما يجعل التنمية السياحية مرهونة بإجراءات استعجالية تضع الإقليم على قدم المساواة مع باقي مناطق المملكة.
تفرض هذه الوضعية على الحكومة مراجعة استراتيجياتها التنموية، من خلال توجيه الدعم نحو المشاريع التي تستجيب لخصوصيات الإقليم وتلبي حاجياته الحقيقية. فطاطا ليست مجرد نقطة على الهامش، بل منطقة غنية بالمؤهلات الطبيعية والتاريخية التي تستحق مكانة بارزة في الخارطة السياحية الوطنية.
ويظل التساؤل مطروحًا: هل ستتحرك الحكومة لإنصاف الإقليم، أم أن طاطا ستظل خارج الحسابات إلى أجل غير مسمى؟
رضوان الدليمي الرباط
#طاطا_المنسية #السياحة_المهمشة #التنمية_العادلة #GoSiyaha_إقصاء #طاطا_تستحق_أفضل #إنصاف_المجال_السياحي #عدالة_مجالية_في_السياحة #البنية_التحتية_أولا #طاطا_في_قلب_التنمية #الجمعوية_tv