كشف الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة، عن خطة أعدتها النيابة العامة تعد بمثابة خريطة طريق للتصدي لزواج القاصرات، الذي يؤثر على ضمان ممارسة الأطفال لحقوقهم الكاملة.
وأوضح الداكي اليوم الأربعاء 23 نونبر 2022، في لقاء بالصخيرات خصص لتقديم «خطة العمل المندمجة حول زواج القاصر»، أن رئاسة النيابة العامة تضع مناهضة الزواج المبكر ضمن أولوياتها، وفي مقدمة توجيهاتها، موضحاً أنه جرى العمل بشراكة مع جميع القطاعات المعنية بهذا الموضوع، من أجل إعداد هذه الخطة وتملكها من طرف الجميع، إثر عدة اجتماعات نظمت لهذه الغاية، وحددت الإجراءات الواجب اتخاذها والمبادرات القطاعية، أو المشتركة الواجب تنفيذها.
كما أوضح أن النيابة العامة تبذل جهداً للمساهمة في مواجهة ظاهرة تزويج القاصرات، باعتبارها من الممارسات التي ينعكس أثرها السلبي على ضمان تمتع الأطفال بحقوقهم الكاملة. في سياق ذلك، أشار الداكي إلى أن رئاسة النيابة العامة أعدت دراسة تشخيصية شاملة في موضوع زواج القاصرات، خلصت إلى استنتاجات كانت نتاجاً لرصد واقع الممارسة القضائية ذات الصلة بمسطرة زواج القاصر من جهة، وتحليلاً للواقع المعيش لفئة مهمة من القاصرات ضحايا هذا الزواج من جهة أخرى، مبرزاً أن الدراسة أظهرت بالملموس أن ظاهرة الزواج المبكر ليست شأناً قضائياً صرفاً تنحصر أسبابه في التطبيق العملي لمقتضيات مدونة الأسرة؛ بل هي شأن مجتمعي تتعدد أسبابه، وتتراوح بين ما هو اجتماعي واقتصادي، وما هو ثقافي، وما هو ديني كذلك في بعض الأحيان ينطوي على تفسير خاطئ للمقتضيات الشرعية، وهو ما يتطلب مقاربة شمولية بغية كسب الرهان بتطويق الظاهرة في أفق القضاء عليها.
وتضمنت الخطة إجراءات ترمي إلى تضييق فرص منح الرخص للراغبين في الزواج من قاصر، بإخضاعهم لبحث اجتماعي ونفسي، والتأكد من عدم اشتراط الانقطاع عن للدراسة بالنسبة للزوجة القاصر، وتحديد سن 17 عاماً للزواج وليس أقل من ذلك. وبهذا الخصوص شدد الداكي على أهمية تحقيق رؤية استراتيجية قادرة على تنزيل المقتضيات الدستورية في مجال توفير الحماية القانونية، والاعتبار الاجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال بكيفية متساوية، بصرف النظر عن وضعيتهم العائلية، واعتبار التعليم حق للطفل وواجب على الأسرة والدولة. وحث على حماية حقوق الطفل بمنظور شمولي، يستهدف كل المجالات ذات الصلة، والحرص على توخي تحقيق مصالحه الفضلى.
وقال رئيس النيابة العامة إن هذا المنظور يندرج في ورش الوقاية من الهدر المدرسي، الذي خاضته رئاسة النيابة العامة بشراكة مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، من أجل تفعيل المقتضيات القانونية المضمنة في قانون «التعليم الإجباري»، الذي ينص على أن التعليم الأساسي حق وواجب لجميع الأطفال المغاربة، موضحاً أن الدولة تلتزم بتوفيره لهم مجاناً، كما يلتزم الآباء والأولياء بتنفيذه إلى غاية بلوغهم سن الخامسة عشرة من عمرهم، بالحرص على تسجيلهم وترددهم بانتظام على المؤسسة التعليمية. كما ينص نفس القانون، بحسب الداكي، على معاقبة الأشخاص المسؤولين عن الطفل الذين لا يتقيدون بهذه الأحكام، موضحاً أن هذه الشراكة مكنت من تحقيق نجاح كبير، تمثل في استرجاع عدد من الأطفال الذين غادروا الدراسة، كما تم التفاعل مع الأسباب التي أدت إلى انقطاعهم بمسؤولية وإيجابية عالية من قبل المتدخلين كافة، سواء تعلق الأمر بالحاجة للنقل المدرسي أو الإيواء، وغير ذلك من الإكراهات الاجتماعية، ما يؤكد هنا أيضاً الحاجة الدائمة إلى التنسيق والتعاون والتقائية التدخلات.