وتأتي هذه الزيارة استجابة لدعوة رسمية من رئيس مجلس المستشارين المغربي، محمد ولد الرشيد، الذي يسعى إلى تعزيز التعاون البرلماني بين البلدين، خاصة في ظل التحولات السياسية التي تعرفها المنطقة. ومن المنتظر أن يجتمع لارشيه بمسؤولين محليين وممثلين عن مختلف القطاعات، لاستعراض المشاريع التنموية الكبرى التي تشهدها الأقاليم الجنوبية، والتي تتماشى مع النموذج التنموي الجديد للصحراء المغربية الذي أطلقه الملك محمد السادس.
تشكل هذه الزيارة محطة مفصلية في العلاقات المغربية الفرنسية، خاصة بعد تأكيد فرنسا دعمها الصريح لمغربية الصحراء. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أعلن، في خطوة دبلوماسية بارزة، دعمه لخطة الحكم الذاتي المغربية كحل وحيد للنزاع المفتعل حول الصحراء، وهو الموقف الذي ثمنه جيرارد لارشيه، واصفًا إياه بـ “التطور الدبلوماسي الحاسم الذي طال انتظاره”.
ويُرتقب أن تتزامن هذه الزيارة مع الذكرى الـ56 للعلاقات الدبلوماسية المغربية الفرنسية، ما يمنحها أبعادًا رمزية تعكس متانة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتوجهها نحو تعزيز التعاون في مجالات الاقتصاد، الاستثمار، الأمن، والثقافة.
تراهن فرنسا، من خلال هذه الزيارة، على دينامية التنمية في الصحراء المغربية، حيث أصبحت العيون والداخلة قطبين اقتصاديين واعدين، يجذبان استثمارات دولية في قطاعات البنية التحتية، الطاقات المتجددة، والصيد البحري. ومن المتوقع أن تتطرق المحادثات إلى دور الشركات الفرنسية في دعم المشاريع الكبرى التي يتم تنفيذها بالمنطقة، إضافة إلى سبل تعزيز التعاون في المجالات البحثية والتعليمية والتكنولوجية.
يُعرف جيرارد لارشيه بمواقفه الداعمة لمغربية الصحراء، حيث كان من بين أشرس المدافعين عن سيادة المغرب على أراضيه داخل الأوساط السياسية الفرنسية. وكان قد صرح في يوليوز 2024 أن “الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء ضرورة تاريخية ودبلوماسية“، مشددًا على أهمية إنهاء حالة الغموض التي طبعت موقف باريس في السنوات الماضية.
تعكس هذه الزيارة تطورًا استراتيجيًا في العلاقات المغربية الفرنسية، بعد فترة من الفتور الدبلوماسي. ويبدو أن باريس تسعى إلى استعادة ثقة الرباط عبر خطوات ملموسة، تشمل تعزيز التعاون الاقتصادي والدعم السياسي لمغربية الصحراء.
ومن المنتظر أن تفتح هذه الزيارة الباب أمام إطلاق مشاريع جديدة بين المغرب وفرنسا، تعزز مكانة الأقاليم الجنوبية كمحور استثماري إقليمي، وتؤكد نجاح الدبلوماسية المغربية في حشد دعم دولي متزايد لمبادرة الحكم الذاتي.