وأعرب عبد النباوي، في كلمة ألقاها بالمناسبة، عن اعتزازه بالرعاية الملكية السامية لهذا الحدث القضائي البارز، معتبراً أن هذه الالتفاتة الملكية تعكس ما تحظى به أسرة القضاء من مكانة خاصة لدى جلالة الملك، ودعمه الموصول لكل المبادرات الرامية إلى تعزيز استقلالية السلطة القضائية، وتثمين رأسمالها اللامادي في سبيل بناء دولة الحق والقانون.
وشدّد المتحدث على أهمية الحضور الإفريقي الوازن ضمن أشغال هذا المؤتمر، مشيراً إلى أن هذا اللقاء لا يعكس فقط الطابع المهني، بل يجسد أيضاً روح الأخوة الإفريقية، والتعاون القضائي المشترك بين المغرب وباقي الدول الإفريقية، في إطار الرؤية الملكية للتعاون جنوب–جنوب.
وسلّط عبد النباوي الضوء على التحديات التي يفرضها التحول الرقمي على أنظمة العدالة، مشيراً إلى أن الزحف السريع للذكاء الاصطناعي بات يشكل تهديداً بنيوياً للممارسة القضائية التقليدية، خاصة في ظل إمكانية استعمال البرمجيات في إصدار الأحكام. وأكد أن استقلالية القاضي قد تصبح رهينة للأنظمة الرقمية ومطوريها، أكثر من كونها مسألة شخصية أو مؤسساتية، داعياً إلى ضرورة الانخراط في مواكبة الثورة التكنولوجية، تحاشياً لتكرار تأخر تاريخي شهدته دول القارة خلال الثورة الصناعية.
وثمّن الرئيس المنتدب اختيار شعار المؤتمر، معتبراً إياه معبّراً عن جوهر رسالة القضاء في إحقاق العدل وصون الحقوق. وذكّر بالإطار الدستوري المغربي الذي كرّس استقلال السلطة القضائية، وجعل المجلس الأعلى للسلطة القضائية مسؤولاً عن حماية هذا الاستقلال وضمان حقوق القضاة.
وفي سياق متصل، دعا عبد النباوي المشاركين إلى التفكير في إحداث لجنة إفريقية لفعالية العدالة، على غرار اللجنة الأوروبية، تتولى تقييم أداء الأنظمة القضائية بالدول الأعضاء، وإعداد مؤشرات موضوعية تعزز النجاعة القضائية وتُسهم في تطوير عمل المؤسسات القضائية بالقارة.
وفي ختام كلمته، رحّب عبد النباوي بضيوف المؤتمر من مختلف الدول الإفريقية، متمنياً لهم مقاماً طيباً بالمغرب، ومعبّراً عن أمله في أن تُسفر أشغال هذا اللقاء عن توصيات عملية تسهم في الارتقاء بالعدالة الإفريقية، مشيداً في الوقت ذاته بجهود الودادية الحسنية للقضاة في تنظيم هذا الحدث الدولي.