استخدام القضية الفلسطينية كأداة دعائية على الرغم من التصريحات الجزائرية المتكررة حول دعم القضية الفلسطينية، إلا أن الوقائع تشير إلى أن هذا الدعم لم يكن سوى أداة للترويج الإعلامي وتحقيق مكاسب دبلوماسية. فالإعلانات عن دعم مالي للسلطة الفلسطينية لم تُترجم إلى خطوات ملموسة، ما يثير تساؤلات حول مدى جدية هذا الالتزام. وبينما تستغل الجزائر القضية الفلسطينية لتحسين صورتها دوليًا، فإن الشعب الفلسطيني لا يرى انعكاسًا حقيقيًا لهذا الدعم على أرض الواقع.
التحركات الجزائرية بعد التطبيع المغربي الإسرائيلي بعد إعلان المغرب عن استئناف علاقاته مع إسرائيل عام 2020، حاولت الجزائر تعزيز علاقاتها مع السلطة الفلسطينية وفصائل المقاومة الفلسطينية في خطوة اعتبرها البعض محاولة لمواجهة النفوذ المغربي المتنامي. غير أن هذا التوجه لم يكن مدفوعًا بحرص حقيقي على القضية الفلسطينية، بل جاء كرد فعل على تحولات إقليمية أثرت على مكانة الجزائر في المنطقة. وقد استغلت الجزائر هذه القضية لتقديم نفسها كمدافع رئيسي عن حقوق الفلسطينيين، رغم أنها لم تقدم دعمًا ملموسًا يوازي حجم تصريحاتها الإعلامية.
التناقضات في الموقف الجزائري من التطبيع في الوقت الذي تهاجم فيه الجزائر الدول التي اختارت التطبيع مع إسرائيل، جاء تصريح تبون حول استعداد بلاده للتطبيع شريطة قيام دولة فلسطينية ليكشف عن تناقض صارخ في الموقف الرسمي. لم يحدد تبون معايير هذه الدولة الفلسطينية، مما يفتح الباب أمام احتمالات تراجع الجزائر عن موقفها الرافض للتطبيع، إذا ما توافرت ظروف سياسية مناسبة لها.
العلاقة بين دعم الجزائر للبوليساريو واستغلالها للقضية الفلسطينية الملف الأساسي في السياسة الخارجية الجزائرية يظل قضية الصحراء المغربية، حيث تدعم جبهة البوليساريو الانفصالية في مواجهة المغرب. ومع تزايد الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء، وجدت الجزائر نفسها في موقف دبلوماسي ضعيف، ما دفعها لاستخدام القضية الفلسطينية كورقة ضغط لمحاولة كسب التأييد الدولي وتخفيف العزلة التي تعانيها. هذا الاستغلال السياسي للقضية الفلسطينية يظهر كيف أن الجزائر تتعامل مع هذا الملف من منطلق مصالحها الإقليمية وليس من منطلق التضامن الحقيقي مع الشعب الفلسطيني.
القضية الفلسطينية بين الدعم الحقيقي والمزايدات السياسية إن التعامل مع القضية الفلسطينية بمنطق التوازنات السياسية والمزايدات الدبلوماسية يفضح استغلال الجزائر لهذا الملف كوسيلة لتحقيق أهدافها الخاصة. وبينما تواصل الجزائر تسويق نفسها كمدافع عن الحقوق الفلسطينية، فإن عدم وفائها بالتزاماتها المالية وسياستها المتناقضة يشيران إلى أن دعمها للقضية ليس أكثر من أداة للضغط السياسي.
وفي ظل هذه المعطيات، يبقى السؤال: إلى متى ستظل القضية الفلسطينية رهينة لمصالح الدول التي تستغلها لخدمة أجنداتها الإقليمية؟ وهل آن الأوان للفلسطينيين للتمييز بين الدعم الحقيقي والمزايدات السياسية؟
بقلم عادل العسولي