مليكة الملياني، أو كما عرفها مستمعوها، بالسيدة ليلى من خلال برامجها الإجتماعية و الأسرية، خامة صوتها القوي الذي كان ينفذ إلى المسامع حتى يكاد المستمع لا يغفل كلمة ولا حرفا أنطقت به هذه المذيعة الوديعة الشهيرة.
السيدة ليلى، نجمة سطعت في سماء الإعلام رحلت هذا الصباح،بعد مسيرتها الاعلامية الناجحة على أمواج الإذاعة المغربية التي كانت تبث كل صباح حيث يستيقظ المغاربة على صوتها القوي وهي ترسل دبدباته على أثير الإذاعة الوطنية عبر خطابها الحداثي الذي رسمت حروفه دون أن تدري أنها تحرك عجلة الزمان المغربي إلى الأمام .
إذاعية من الجيل الذي فضل العطاء دون حدود على أي شيء آخر كما وصفتها أحد زميلاتها، وظل الهاجس المهني يرافقها حتى بعد مرور سنوات على تجربتها التي ستظل رائدة ومتفردة، ولم يستطع أحد ملئ مكانها لأن العفوية والاخلاص كان عملتها الأولى والأخيرة.
سيدة الميكروفون الإذاعي، بصوتها الدافئ وحديثها الذي ينساب عند كل حلقة من برنامجها الشهير ”مع الأسرة” حيث الأصوات في تعدديتها الفكرية والعلمية مرت من هذا البرنامج في مختلف التخصصات، أطباء وفقهاء وقانونيين و غيرهم شكلوا حضورا قويا في ذاكرة المستمع.
ظلت السيدة ليلى وفية لنهجها واختياراتها و لم تستغل يوما وضعها المهني لأغراض تحقيق مكاسب شخصية كما يعرفها زملاؤها و مقربوها، و ذلك حال الكثيرين من الصحفيين الذين دخلوا غمار هذه المهنة من أجل الآخر لا من أجل حاجة في أنفسهم و على الله قضاؤها كما نؤمن،فكانوا بذلك شمعة تذبل من أجل تنوير الآخر ، كانت سيدة تبدو أنيقة في مظهرها محبة للحياة، مخلصة لمؤسستها الإعلامية دار البريهي ، رائدة من جيل النساء الذي ساهم بكل تفان وجدية في بناء صرح الإعلام السمعي البصري في المغرب بكل التواضع الممكن ودون ضجيج وبأثر كبير.
إعلامية كما أرثاها زملاؤها، أخلصت لبلدها ومن موقعها ساهمت في معركة وعي المرأة بحقوقها وواجباتها، ولم تتهاون يوما في عملها و استمرت علاقتها مع مستمعيها قائمة على الاستمرار في العطاء والتواضع واشتغالها إلى جانب الراحل محمد بنعبد السلام شكل علامة فارقة ليست فقط في مسيرتها بل عند كل من عايشوه وعملوا إلى جانبه، حيث قفزت البرامج المباشرة إلى الواجهة وفتح باب التواصل مع المستمعين عبر الهاتف وكانت السيدة ليلى من أوائل الإذاعيين الذين دخلوا هاته التجربة التي ظلت قوية في مضمونها ولم تخرج عن إطار المهنية الصرفة .
الحاجة مليكة أو السيدة ليلى أيا كان الإسم نطوي اليوم برحيلها كتابا ضخما يوثق لمرحلة غنية في كل شيء، إنسانيا ومهنيا و إيثارا وتواضعا.
يتحدثون اليوم عن المؤثرين، السيدة ليلى كانت السباقة في ذلك، لم تجن الأموال، لكنها جنت محبة واحترام المغاربة.
الشجعان لا يرحلون أثرا وهي كانت من ضمنهم، رحمة الله تتغشى روحها.
ومنا طاقم المجلة الجمعوية بالغ المواساة وأصدق عبارات التعازي لأسرتها الصغيرة والكبيرة من زملائها وأصدقائها ومحبيها،و إنا لله وإنا إليه راجعون.