قادت الإضراب أربع من أبرز النقابات المغربية، وهي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والمنظمة الديمقراطية للشغل، وفيدرالية النقابات الديمقراطية. وأكدت هذه النقابات أن الإضراب جاء كرسالة قوية للحكومة، التي تتهمها بـ”التجاهل المتعمد” لمطالب العمال، وتمرير مشروع القانون في البرلمان في نفس يوم الإضراب، وهو ما وصفته النقابات بـ”الاستفزاز غير المسبوق”.
أعلن ممثلو النقابات في تصريحات حادة، أن الإضراب “حقَّق نجاحًا كبيرًا”، محذرين من أن التصعيد سيكون الخيار الوحيد إذا لم تتراجع الحكومة عن مشروع القانون. وأكدوا أن القانون الجديد “يُكبِّل حق الإضراب ويُفرغه من مضمونه”، مشيرين إلى أن الشروط المشددة التي يفرضها ستجعل ممارسة هذا الحق “شبه مستحيلة”.
دافعت الحكومة المغربية من جانبها عن مشروع القانون، مؤكدة أنه يهدف إلى تحقيق توازن بين حقوق العمال وأرباب العمل، ويعزز مناخ الاستثمار في البلاد. وأشارت مصادر حكومية إلى أن الحوار الاجتماعي لا يزال مفتوحًا، داعية النقابات إلى “التفاوض بدل التصعيد”.
غير أن هذه الدعوة لم تلقَ آذانًا صاغية من جانب النقابات، التي تتهم الحكومة بـ”التعنُّت” وعدم الرغبة في الاستماع إلى مطالب العمال. وأكدت مصادر نقابية أن الحكومة “تتعامل بمنطق القوة”، مما يزيد من تعقيد الأزمة ويُغذِّي حالة الاستقطاب بين الطرفين.
أدى الإضراب إلى شلل شبه كامل في العديد من القطاعات الحيوية، حيث أغلقت المدارس والمستشفيات أبوابها، وتوقفت حركة النقل العام في عدة مدن كبرى. كما شهدت شوارع العاصمة الرباط ومدن مثل الدار البيضاء وفاس تجمعات احتجاجية حاشدة، رفعت خلالها لافتات تندد بـ”قمع الحريات” وتطالب الحكومة بالتراجع عن القانون.
وقد أثار الإضراب مخاوف من تداعيات اقتصادية واسعة، خاصة في ظل الأوضاع الصعبة التي يعيشها المغرب بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة والضغوط الاقتصادية العالمية. ويرى مراقبون أن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى مزيد من التدهور في الأوضاع الاجتماعية، مما يضع الحكومة أمام اختبار صعب في إدارة الملف.
يأتي هذا الإضراب في وقت يشهد تصاعدًا غير مسبوق في التوتر بين النقابات والحكومة، وسط تحذيرات من أن الأزمة قد تتفاقم إذا لم يتم إيجاد مخرج سريع. النقابات أكدت أنها مستعدة لخوض معارك تصعيدية جديدة، في حين تبدو الحكومة متمسكة بموقفها، مما يضع البلاد على حافة مواجهة اجتماعية وسياسية واسعة.
ويبقى السؤال الأكبر: هل ستنجح الأطراف في فتح قنوات حوار جدي لإنهاء الأزمة، أم أن المغرب مقبل على موجة جديدة من الاحتجاجات والتصعيد؟ الإجابة قد تحدد ملامح المرحلة المقبلة في البلاد، التي تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية متزايدة.